اعداد حسن ابو انس..
معاني الإنسانية
الكوتش الدولي الدكتور محمد طاوسي
في هذه الحياة ، لا يمكننا أن نعلم الغيب ، فلا يعلمه إلا الله تعالى ، و لا يمكن لأحد أن يعلم ما سيحدث حتى في اللحظة التالية ، ولكنه يمكن أن نستمر في الحياة ، إن خططنا و باشرنا كي نتقدم ، و إن توكلنا على المولى سبحانه ، و وضعنا نصب اعيننا الثقة به و فيه سبحانه ، فمن توكل على الله هداه ، و من استغنى بالله أغناه ، و من اخذ بالاسباب اعطاه .
و من الأمور التي يجب أن نتهمم بها ، هي تلك العلاقات الجميلة الرائعة التي تجدد الحياة في الذات ، إذ أنها فعلا تجدد خلايا الجسم عندما تساعد على إفراز الهرمونات في الجسم ، فتعطيه القدرة على التفاعل الإيجابي ، و تساعده على تحسين البرمجة الذهنية النفسية داخله .
إن دور العلاقات الإيجابية هو تحسين حياتنا اليومية من خلال التفاعل السيكولوجي ثم التفاعل المغناطيسي الذي يؤثر و يتأثر ، مما يزيد من تأثيرها على الصحة النفسية و العاطفية ، فتتولد طاقة الانفعال الوجداني ، إذ أنه لا تهم المسافات حين تكون العلاقة قوية بما يكفي لتصمد عن طريق تمازج الهالة الإنسانية فيما بينها ، فتتقوى قدرة الاستشعار العاطفي ، و تزداد قوة الاستحضار عند اصحاب هذه العلاقة الإنسانية .
في هذه الحياة ، قد نرى أن بعض الأشياء التي نطمح إليها أو نريدها قد تتأجل ، أو لا تحدث إلا بعد حين ، غير أننا لا ندرك أن في تأخرها أو تأجيلها أو صرفها خير ، فالله سبحانه هو الكفيل بذلك و هو من يختار لها موعدها الصحيح ، و لنا في قصة يوسف عليه السلام عبرة ، فحلمه كان فتيا في صباه و انجازه كان عند اكتمال النضج و الرشد البشري ، لهذا علينا أن لا نجني على احلامنا و اكتمال علاقاتنا بالتسرع و العجلة حتى تنضج و تينع و يحين قطافها ، و لنصوب وجهتنا نحو الحياة بالامتثال و التوكل و العمل و اليقين بأمر الله تعالى ، إذ أنه عندما يكون الإيمان بالله بوصلتنا و اليقين منهجنا و العمل سبيلنا ، فلن تضيع احلامنا سدا ، بل إن الله منجز وعده ، و مهما كانت المسافات بعيدة فالله يطويها فتجتمع الارواح و الافئدة قبل الابدان ، فيجمع الله الأحباب بعدما يظنون كل الظن أن لا تلاقيا .
إننا ، في هذه الحياة ، قد نسعى إلى اختبار علاقتنا بالمنطق و العقلانية المفرطة ، لدرجة أننا نفقد مع هذه العقلانية النقدية معاني الرسائل الموجهة إلينا من خلالها ، فنفرغها من محتواها الإنساني و نربطها بالسلوك البشري … ، لهذا إذا أردنا أن نعرف نوع شخص ما و ما إدراكه العقلي و الإنساني علينا أن نخالطه و نستمع إلى كلماته و نتفاعل مع اسلوب حياته دون التأثر ، وإذا أردنا أن نتعرف على روحه علينا أن نتجانس معه في عالم الارواح ، و نتماهى مع كينونتها فيه ، و ننظر إلى سلوكه و تجاذبه الوجداني و العاطفي ، لأن العلاقات متنوعة و مختلفة ، و في بعض الأحيان تكون مجحفة و قاسية ، إن لم نتعامل معها بكل مصداقية ، و إن لم نتفاعل معها بكل موازين الحياة الإيجابية ، عندها سندرك أن ما مررنا به من تجارب الحياة لم يكن عقابا و لا ايلاما بقدر أنه كان خيرا عظيما و موعظة ، جعلتنا أقوياء مما كنا عليه من قبل ، و أن الٱتي مبهر بالقدر الذي نتشبت فيه بتلك العلاقات الإنسانية الجميلة .
و لنعلم أنه على قدر النوايا تكون العطايا و على قدر الجمال يكون الجلال ، و على قدر التحلي يكون التجلي ، فحين ننكسر فلن يرمم نفوسنا سوى الوجهة الصحيحة لبوصلة قلوبنا ، و شد أزرنا بالعلاقة الروحية التي تنبني على الصدق و الحب و الكرامة ، فلا ننهزم ابدا بل ننتصر بقوة الإرادة و التمسك بروح العلاقة ، لأنه لن تكون هناك قدرة على الوقوف مرة أخرى إلا إن امكنا تلك العلاقة الإنسانية بكل خير ، قال موسى عليه السلام ” رب اشرح لي صدري ويسر لي امري و احلل عقدة من لساني يفقهه قولي و اجعلي وزيرا من اهلي اشدد به ازري و اشركه في امري كي نذكرك كثيرا ….” ، فالعلاقة الإنسانية الحقيقية هي التي تبنى على المؤازرة و الصدق و المشاركة في كل معالم الحياة .
إننا في هذه الحياة ، لن نخسر شيئا بقدر ما نكسب و نكتسب ، فكل ما نخسره يوما فلأنه ليس من حقنا اكتسابه ، و الله تعالى كفيل بأن يرزقنا أشياء لم نتوقع يوما أن نكسبها ، و كل علاقة إنسانية هي مكسب روحي وجداني ينمي حياتنا و يعطيها جمالية الاستمرار و الاستثمار الوجدي الوجداني الذي يستحق التضحيه والتعاون بين اصحابها .
الكوتش الدولي الدكتور محمد طاوسي