اعداد حسن بوسرحان..
تحرير الكوتش الدولي الدكتور محمد طاوسي
في هذه الحياة و على دروب مسيرتها ، ليس كل ما نفقده يعد خسارة ، و ليس كل ما لا ندركه حق لنا أن نصل إليه ، فقد يكون خيرا في فقدانه ، و يكون حسنا أننا لم ندركه ، و قد يريد الله سبحانه و تعالى تبديل ما نراه نعمة بخيرٍ منها ، فيهبنا أجمل و أحسن و أفضل مما نظن ، و يعطينا من العطاء ما لا نتوقعه أو نتخيله .
في هذه الحياة و على دروب مسيرتها ، ليس علينا أن نفقد القوة التي اعطاناها المولى عز و جل ، و لا أن نستسلم فتخر عزيمتنا ، و تنهزم إرادتنا ، إذ أن القوة لا تأتي من الأشياء التي نستطيع فعلها فقط ، إنما تأتي من التغلب على الأشياء و الأفكار التي اعتقدنا يوما أننا لن نستطيع التغلب عليها ، و لولا تلك القوة لما استطعنا أن نصنع تاريخنا ، و لما استطعنا أن نجعل من أحلامنا اليوم واقع الغد .
في هذه الحياة و على دروب مسيرتها ، علينا أن نتذكر أن قوتنا في إرادتنا و مقوماتنا التي تعطينا دافعا قويا للعمل و الجد ، و لنعلم اننا ما دمنا نتنفس فلم يفت الأوان أبدا لنبدأ بداية جديدة مهما كانت الأخطاء و الزلات و النكبات ، و لندرك أن القوة تأتي مع الصبر و العزيمة ، فلنكن بالصبر صباراً و مع الصبر أكثر إصرارا ؛ و ليكن لنا يقينا أن الكون يتحرك و يتجدد و يتزين كي تستمر عجلة الوجود في الدوران ، فلاشيء في الكون يزهر طوال الوقت ، إنما يخبو كي ينمو ، ثم يزهر فيثمر ، ثم يينع ثم ينضج ، و في الختام يكون حطاما لكي تدور الحياة دورتها الكاملة .
في هذه الحياة و على دروب مسيرتها ، علينا أن نعي قوة العطاء كي ننال ما نريد ، فلا أخذ بدون عطاء ، و كلما أعطينا بلا مُقابل ، كلما كان العطاء اكبر مما نتوقع ؛ و لندرك أن الخير مخلوق خجول و متواضع لا يحب الضوضاء ، فلنعمل الخير بصوت خافت و يقين رزين كي لا نقع في محضور التعالي و الرياء ، فلرب ذنب يتبعه استغفار و توبة خير من عمل صالح يتبعه رياء و استعلاء ، و لرب فقه فيه خوف من الله و إن قل العلم فيه خير من جهل فيه معصية الله و إن كثر فيه العلم .
في هذه الحياة و على دروب مسيرتها ، ليس كل سقوط فشلاً ، و لكن الفشل أن نقبل بذلك السقوط ، و نبقى حيث سقطنا ، بل علينا أن نتعلم دروس الحياة ، و نستنتج معانيها ، و لنزل من أذهاننا أننا دوما على صواب ، إنما نحن نصيب و نخطئ ، و نسير و نسقط ، و نقوم و نتعثر ، و لولا الخطأ لما ادراكنا الحقيقة ، و لولا السقوط لما اكتسبنا إرادة المسير ، و لنشكر كل لحظة من لحظات النجاح و الكفاح الذي مررنا بها ، لأنها فعلا هي ما يجعلنا أقوى و أكثر نضجا و حكمة ، و هي ما لا تدعنا ننكسر ، بل هي من تعطينا الدافع لصناعة أنفسنا و ذواتنا ، و هي ما يجعلنا نمارس كل حيواتنا بكل الرضى و اليقين ، فما هو مقدر أن يحدث ، هو حتما سيجد دائماً طريقه للحدوث على أرض الواقع بإذن الله.
في هذه الحياة و على دروب مسيرتها ، ليس علينا أن نحزن أو نيأس حتى و إن ضاقت بنا الحياة ، فهي ما تضيق إلا لتتسع بعد حين ، و لربما اشتاق الله سبحانه و تعالى لسماع أصواتنا في الخلوات و نحن نجأر إليه و ندعوه كي يمنحنا ما شاء مما شاء كيف شاء و اين شاء و وقت شاء ، فلنستقبل أقدارنا بأنفس راضية و قلوب تنبض بالحب الجميل الذي يتولد من ثنايا الروح إلى مقام صدق عند مليك مقتدر ، فالله تعالى يعلم بما هو خير لنا و نحن لا نعلم…