أخبار عاجلة

ثروة إنسانية

اعداد حسن بوسرحان..

ﺛﺮﻭﺓ إنسانية

بقلم الكوتش الدولي الدكتور محمد طاوسي

 

إن اﻟﺤﻴﺎﺓ ليست ﻗﺎﺳﻴﺔ كما يراها البعض ، فهي متقلبة و متنوعة حتى لا تكون هناك رتابة و ملل ، و هي متنوعة حتى لا يكون هناك استصغار و زلل ، و هي متوازنة حتى لا يكون هناك ضياع و خلل ، فهي بذلك جميلة و جليلة ، جميلة بتنوعها ، جليلة بغاياتها ، تشتد كي تلين ، و تضغط كي تخرج الأفضل و الأروع ، و تتعسر كي تبعث اليسر و الأمل ، غير أنها تبقى مثل تلك الطفلة الصغيرة التي تتذلل كي تكسب القلوب و تسلب الالباب ، و تلين كي تعشقها الأرواح ، تلين و تكسب كل النفوس باﻷﺧﻮﺓ ﻭ ﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ ﻭ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻭ ﺻﻔﺎﺀ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ، و هذه هي الثروة الإنسانية
إن حقيقة الثروة الإنسانية في هذه الحياة ، أن هناك أﺷﺨﺎﺹ هم أمة ، و هناك أشخاص هم ﻭﻃﻦ في حد ذواتهم ، و هناك أشخاص هم ركائز أساسية للأرض و ثوابتها ، و هناك أشخاص هم عمران الوجود و عمارته ، فهم من ﻳﺠﻌﻠﻮننا نكتفي ﻋﻦ ﻛﻞ ﺸﺮ ، و هم من يجعلوننا نقتنع أن الخير يعلو فوق كل شيء ، ﻭ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﺷﺨﺎﺹ ﻋﻨﺪﻣﺎ نلتقي ﺑﻬﻢ ، نستشعر ذواتنا ، و نمتزج بهم لدرجة أننا نعتقد أننا نلتقي بأنفسنا ، اولئك هم أصحاب ﺍﻟﻨﻔوﺲ ﺍﻟﻄﻴﺒﺔ التي ﻻ ﻳﻤﻠﻜﻬﺎ كل الأشخاص و من يملكها ﺇﻻ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﻄﻴﺐ الذي يقل نظيره في كل الوجود ، ﻭ أولئك هم أصحاب ﺍﻟﺴﻴﺮ ﺍﻟﻄﻴﺒﺔ التي ﻫﻲ ﺃﺟﻤﻞ ﻣﺎ ﻳﺘﺮﻛﻪ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺏ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ .
في هذه الحياة ، إن الثرﻭﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎنية ﻫﻲ ذلك الحب الذي يزرعه هؤلاء الأشخاص في قلوب ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ، و هي تلك الثقة التي يغرسونها في النفوس فتنسى كل الأتعاب ، و تصارع كل اليأس ، فالثروة الإنسانية هي من تزرع الامل في الأرواح و تنمي الأحلام في الأنفاس ، فتثق بربها ، و تؤمن بذواتها و لا تبالي بمن يريد إحباطها أو خذلانها ، بل إن الثروة الإنسانية هي من تجعلنا نتأهب و نتجهز كي نستطيع أن نصنع لأنفسنا حياة رائعة ، و نفعل أشياء عظيمة بطريق عظيمة ، بل الثروة الإنسانية هي التي تجعلنا نشعر بالسعادة ، و نقدر ما لدينا من النعم التي حبانا الله تعالى قولا فنحمده ، و فعلا فنشكره ، إنما الثروة الإنسانية هي ما تجعلنا نتوقع من الله ما لم تتوقعه قلوبنا أو تستوعبه عقولنا .
إن الثروة الإنسانية هي التي تجعلنا نؤمنُ أن العطاء يكون لأولئك الذين لا يخشون ضعفهم ، و لا يخافون تعثراتهم ، بل يعيشون الحياة بكل حذافيرها ، و يحيونها بكل معانيها لأنهم يعلمون جيداً أن كُل كسر ورائه جبر و قوة و سرور ، و هي ما يجعلنا أقوى و أروع و ألطف ، و إن كان علينا أن نختار ما بين الجمال و اللطف و بين الحدة و الصواب ، فلنختر أن يكون ذلك الجمال لطيفًا ، و عندها سنكون دائمًا على صواب ، فقد نتدرج في قول الحق لكن لا نتفوه بباطل ، و عندها نرى الوجود جمالا و الجمال وجودا ، فالله جميل يحب الجمال و الله لطيف يؤتي على اللطف ما لا يعطي على غيره .
الثروة الإنسانية هي ما لا تدعنا نستسلم في الحياة ، أو تتركنا ننحني للإحباط ، بل هي ما تجعلنا نتذكر أن الله يمنحنا هذه العقبات لاقتحامها ، و يرزقنا تلك الصعوبات كي يختبر قوانا و يقوي إيماننا به و بذواتنا كي نمضي قدما نحو الأفضل و استثمار حياتنا في الاجمل ، و ندرك أن النجاح أمر لا مفر منه ، و أن الفلاح يوجد أينما وجدت الإرادة ، و وجدت العزيمة نحو عبور السبيل إلى مقام الإنسانية ، و تبقى رسالتنا إنسانية متجددة ، و تلكم يا سادة هي الثروة الإنسانية الحق .

عن admin

شاهد أيضاً

مجادلة …بعد الرحيل

اعداد حسن بوسرحان.. بقلم اسية امتيري بعد الرحيل بعد الرحيل مجادلة بين أن أعال أم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *