أخبار عاجلة

الحكمة و الحقيقة

اعداد حسن بوسرحان.

الكوتش الدولي الدكتور محمد طاوسي


إننا عندما نتحدث عن الحقيقة من المنظور القيمي لها فهي البحث عن مصداقية الشئ و وجوده ، و هي مفهوم نسبي يخضع لمؤثرات حسب الحيثيات المحيطة بها ، و كذلك حسب ٱليات البحث عنها ، إذ إن الحقيقة في مفهومها العام هي الصدق و قول الحق ، أما من مفهومها الفلسفي فهي البحث عن مصداقية ذلك الحق و اكتشاف حقيقة الوجود ، و هذا المفهوم كما قلنا يختلف من مفكر لٱخر و من عالم لاخر حسب تصوره و كذلك حسب الحيثيات الدقيقة التي يبني عليها قناعته ، و التي أساسها الفكر و المعرفة و الشخصية الإنسانية .
فمثلا مقولة ديكارت تحدد لنا مفهوم الوجود لديه إنطلاق من دينامية التفكير و التفكر :” أنا افكر إذن أنا موجود ” ، فالفكر بالنسبة لديكارت هو القاعدة الأساسية لإثبات الوجود الإنساني ، بحيث تصير الشخصية لديه ذلك القالب الفيزيائي و النفسي و الشعوري الذي تتجلى فيه حقيقة الوجود في أساسها الفكري و المعرفي .
إن الانسان هو ذلك المخلوق الذي هو في الاصل محور الكون و خادمه ، و الذي تنبني حقيقة وجوده على أسس البناء القويم لشخصيته من تمازج الاجساد التي تؤسس تلك الشخصية من حيث القالب الفيزيائي الذي هو الجسد و من حيث القالب النفسي و القالب الشعوري و القالب السلوكي ثم القالب الفكري المعرفي و الذي هو السبيل للتواصل و التعارف من حيث تبادل الأفكار و الاراء و اكتساب المعارف و الخبرات .
و من هنا فإن المعرفة و الفكر هما المكمن الحقيقي لقوة الشخصية الإنسانية ، و هما الدافع الأساسي للبحث عن حقيقة الوجود و امتلاك الحكمة من حيث تعدد مشارب المعرفة و اكتساب المهارات الحياتية و الخبرات العلمية و المعرفية ، إذ تنتعش الشخصية الإنسانية داخل هذه القوالب المكونة لها ثم تتجلى قوتها و تتمظهر تلك الحكمة التي هي ثمرة هذا القالب الفكري و المعرفي .
و كما يقال ” مرافقة حكيم خير من قراءة مئات الكتب عدة سنين ” ، و لأن الحقيقة هي الشغف بعد الاندهاش ، و لأن الفلسفة في أصلها هي محبة الحكمة ، و لأن الحكمة هي امتلاك آليات المعرفة الدقيقة و الصائبة في تقدير الأمور و البلوغ إلى مكمن الحقيقة ، و التي تتمحور حول ثلاث محاور أساسية و التي هي الذات و الوجود و الحقيقة ، حيث أن من خلالها تتمحور أسس البناء بين الشغف في امتلاك الحكمة و بين محبة البحث عنها و بالتالي تظهر الذات كنتيجة لذلك البناء .
إن البحث في حقيقة الوجود كٱلية من ٱليات بناء الشخصية الإنسانية و كذلك كأساس من أسس التفكير العالي للانسان لا يعني بالضرورة حصرها في المجال الفلسفي فقط بل إنها هي غاية كل المعارف و اساس كل العلوم ، و لذلك فالحقيقة هي غاية البحث المعرفي و الحكمة هي أساس التامل العقلي الذي يوصلنا إلى قناعات أن لهذا الوجود صانع قد صنعه على أسس منظومة و سطره على أسس نظام داخل تلك المنظومة الكونية التي تفضي إلى حقيقة هذا الوجود و إلى الحكمة من وجود هذه الحقيقة .

 

عن admin

شاهد أيضاً

كلمات ترحيبية للجنة المنظمة للملتقى الاول لمهن المصاعد بالمغرب

تحرير وتصور خسن بوسرحان كلمة ترحيبة للسيد محمد بطحة رئيس الجمعية الوطنية هدف للمهنيين والحرفيين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *